قرارات الأمم المتحدة.. وماذا بعد؟
نحو تحليل تأثيرها على حقوق اللاجئين وتوجيه صناع السياسات العامة
إعداد: هبة ملحم - متخصصة في مجال الإعلام وإعداد الدراسات وحقوق الإنسان
منذ تأسيسها في عام 1945، أصبحت الأمم المتحدة المنظمة العالمية الرئيسية المكلفة بتحقيق الأمن والتعاون الدوليين. تتخذ الأمم المتحدة قرارات هامة بشأن القضايا العالمية الملحة وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، ومع ذلك، يطرح السؤال: إلى أين تتجه قرارات الأمم المتحدة وما هي تأثيراتها الفعلية؟
يتمثل التأثير العام للقرارات الأممية في تحقيق نجاحات ملموسة في مجالات مثل حفظ السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، وقد تؤثر على السياسات الدولية وتشكل التحالفات والشراكات بين الدول. ومع ذلك، قد يكون للقرارات الأممية تأثير محدود في بعض الأحيان بسبب قيود التنفيذ والمصالح المتنازعة.
حيث يواجه تنفيذ القرارات الأممية العديد من التحديات السياسية، فتتعارض مصالح الدول الأعضاء وتتسبب في صعوبات في التوصل إلى توافق، خاصةً وأنّ بعض القرارات الأممية تفتقر إلى القدرة الفعلية في التنفيذ بسبب عدم وجود آليات قانونية قوية أو نقص الدعم الدولي. بالإضافة إلى تحديات مرتبطة بالصراعات المستمرة والاستقرار الضعيف، وتتداخل مصالح الأطراف المتنازعة وتفاقم الأزمات الإنسانية، مما يعيق تنفيذ القرارات ويؤثر على نجاعتها. بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية والسياسية، ففي بعض الأحيان، يتضمن تنفيذ القرارات الأممية فرض عقوبات اقتصادية أو سياسية على الدول المخالفة. ومع ذلك، قد تواجه هذه العقوبات تحديات في التنفيذ وفي تحقيق النتائج المرجوة، وقد تتأثر الشعوب المدنية بشكل سلبي جراء العواقب الاقتصادية لهذه العقوبات.
وفيما يلي أقدم مقترحا للاستفادة العملية من قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بحقوق اللاجئين الفلسطينيين والسوريين:
أولاً: دعم الجهود الإنسانية
تقديم المساعدة الإنسانية للمنظمات غير الحكومية والهيئات الإنسانية الدولية لتلبية الاحتياجات الأساسية لللاجئين، بما في ذلك الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والمياه النظيفة. وذلك بناءاً وتطبيقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 46/182 بشأن التعاون مع المنظمات غير الحكومية الذي يؤكد على أهمية تعزيز التعاون مع المنظمات غير الحكومية لتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين.
ثانياً: تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية
تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول المستضيفة لتوفير فرص عمل لللاجئين والسماح لهم بالاندماج المجتمعي، وتعزيز التعليم والتدريب المهني للأطفال والشباب اللاجئين لتمكينهم من تحسين فرصهم الاقتصادية في المستقبل. وذلك استنادا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 46/137 بشأن حقوق الإنسان واللاجئين، الذي ينص على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي مع الدول المستضيفة لتحسين ظروف اللاجئين وتوفير الفرص الاقتصادية لهم.
ثالثاً: دعم التسوية السياسية
دعم الجهود الدولية لتحقيق تسوية سياسية للنزاعات والأزمات التي أدت إلى نزوح اللاجئين، بما في ذلك النزاع الفلسطيني الإسرائيلي والأزمة السورية. وذلك بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي 2254 بشأن الأزمة السورية، الذي يشدد على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية شاملة في سوريا من خلال الحوار والمفاوضات ويحث على وقف العنف وبدء عملية سياسية تؤدي إلى تلبية تطلعات الشعب السوري.
رابعاً: تعزيز حقوق اللاجئين
تعزيز حقوق اللاجئين والمعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحماية القانونية بالاعتماد على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 68/179 بشأن حماية وتعزيز حقوق اللاجئين، الذي يعزز حقوق اللاجئين ويحث الدول على احترام وحماية حقوقهم وتعزيز الحماية القانونية المتعلقة بهم.
خامساً: التعاون الدولي
تعزيز التعاون بين الدول المستضيفة والدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية لتبادل المعلومات والخبرات وتعزيز الجهود المشتركة في حل الأزمة، بناءً على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67/290 بشأن تعزيز التعاون الدولي لمساعدة وحماية اللاجئين، الذي يدعو إلى تعزيز التعاون بين الدول والمنظمات الدولية لتعزيز الجهود المشتركة في تقديم المساعدة والحماية لللاجئين.ئين الفلسطينيين والسوريين
وفيما يلي أقدم مقترحاً لميزانية تهدف إلى تحسين عملي لحياة اللاجئين في الدول العربية بما فيها المملكة الأردنية الهاشمية، مع الإشارة إلى أنّ هذه الميزانية التقريبية بحاجة إلى ضبط وتخصيص تفاصيلها بناءً على احتياجات وأولويات اللاجئين والسياسات الحكومية والتمويل المتاح:
- التمويل الإنساني والحماية:
· تقديم مساعدات غذائية وإيواء للأسر اللاجئة الفقيرة والأكثر احتياجًا. (تقدير التكلفة: 10 ملايين دولار سنويًا)
· توفير رعاية صحية أساسية للأطفال والنساء الحوامل وكبار السن، بما في ذلك الخدمات الطبية والأدوية الأساسية. (تقدير التكلفة: 8 ملايين دولار سنويًا)
· تقديم دعم نفسي واجتماعي لللاجئين الذين يعانون من آثار الصراع والنزوح، من خلال برامج الاستشارة والدعم النفسي. (تقدير التكلفة: 5 ملايين دولار سنويًا)
· تعزيز الحماية القانونية وتوفير الدعم القانوني لللاجئين، بما في ذلك حقوق اللاجئين وحق الوصول إلى العدالة. (تقدير التكلفة: 3 ملايين دولار سنويًا)
- التعليم والتدريب:
· توفير تعليم مجاني ونوعي للأطفال اللاجئين في المدارس الحكومية، بما في ذلك توفير الكتب المدرسية واللوازم الأساسية. (تقدير التكلفة: 15 ملايين دولار سنويًا)
· إنشاء مراكز تعليمية ومهنية للشباب اللاجئين لتعزيز فرص التعليم المستمر وتدريبهم على المهارات المطلوبة في سوق العمل. (تقدير التكلفة: 7 ملايين دولار سنويًا)
- الدعم الاقتصادي والتمكين:
· دعم المشاريع الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة لللاجئين وتوفير التمويل اللازم والتدريب على إدارة الأعمال. (تقدير التكلفة: 12 مليون دولار سنويًا)
· توفير فرص عمل للشباب اللاجئين من خلال برامج التشغيل الذاتي والتدريب المهني. (تقدير التكلفة: 8 ملايين دولار سنويًا)
- تعزيز البنية التحتية والخدمات الأساسية:
· تحسين البنية التحتية في المخيمات اللاجئة والمجتمعات المستضيفة، بما في ذلك توفير الكهرباء والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي. (تقدير التكلفة: 20 مليون دولار سنويًا)
· تحسين الخدمات الصحية الأساسية وتعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية الجيدة للأطفال والنساء وكبار السن. (تقدير التكلفة: 10 ملايين دولار سنويًا)
(المبلغ الإجمالي للميزانية التقديرية: 98 مليون دولار )، مع الإشارة إلى أنّ هذه الأرقام هي تقديرات تقريبية ويجب تخصيص الميزانية الفعلية وفقًا للظروف والاحتياجات الفعلية والتمويل المتاح. كما يجب أن تكون هناك تنسيق وتعاون مع الحكومة الأردنية والمنظمات الدولية والمانحين لتنفيذ هذه البرامج وضمان استدامتها على المدى الطويل.
في النهاية يمكن الحديث بالإيجاب، أي نعم، يمكن الاستفادة عمليًا من قرارات الأمم المتحدة على عدة مستويات وفي مختلف المجالات، مثل:
1. حفظ السلام والأمن الدولي: تصدر الأمم المتحدة قرارات بشأن حفظ السلام وتسوية النزاعات الدولية. يتم استخدام هذه القرارات لتوفير الإطار القانوني والسياسي لعمليات حفظ السلام والجهود الدبلوماسية لحل النزاعات.
2. حقوق الإنسان: تصدر الأمم المتحدة قرارات وتعليمات بشأن حماية حقوق الإنسان ومكافحة التمييز والانتهاكات. يستخدم المجتمع الدولي هذه القرارات لتوجيه سياساته وتشريعاته لضمان حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية.
3. التنمية المستدامة: تتخذ الأمم المتحدة قرارات لتعزيز التنمية المستدامة ومكافحة التغير المناخي والحفاظ على البيئة. يمكن للدول والمجتمع الدولي استخدام هذه القرارات لوضع استراتيجيات وسياسات للحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة.
4. مكافحة الإرهاب والجريمة الدولية: تتخذ الأمم المتحدة قرارات لمكافحة الإرهاب والجريمة الدولية، وتعزيز التعاون الدولي في هذا الصدد. يستخدم المجتمع الدولي هذه القرارات لتطوير استراتيجيات مشتركة للتصدي للتهديدات الأمنية ومكافحة الجريمة العابرة للحدود.
على الرغم من ذلك، يجب أن نلاحظ أن استفادة الدول والمجتمعات الدولية من قرارات الأمم المتحدة تعتمد على تنفيذ هذه القرارات وترجمتها إلى إجراءات واقعية وفعالة، كما يلعب الالتزام السياسي والتعاون الدولي دوراً حاسماً في تحقيق نجاح قرارات الأمم المتحدة واستفادتها العملية.