الدين معاملة
بقلم: شدان أبو يعقوب
بالرغم من التزام الكثير من الناس بالعبادات والفرائض على أكمل وجه، إلا أنهم يمتلكون أدنى وأسوء الصفات والأخلاق في المعاملة مع الآخرين، أي أن سلوكهم مبتعد كل البعد عن الدين الإسلامي.
يقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام:
"أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ." [أخرجه مسلم والترمذي عن أبي هريرة]
هذا الحديث يوضح لنا أن الدين ليس عبارة عن عبادات شعائرية فقط وإنما الدين هو عبادات شعائرية وأخلاقية وتعاملية، فمن أكثر الأمور التي يغفل عنها كثير من الناس أنهم يقومون بواجباتهم تجاه خالقهم ويكثرون من العبادات الشعائرية من صلاة وصوم وزكاة ونوافل وقراءة القران وغيرها من الشعائر، ويتعاملون مع الدين معاملة تجارية أو لتجميل صورتهم أمام الآخرين، ولكنهم بالمقابل يقترفون أسوء الذنوب فيما يتعلق بحقوق الآخرين، متجردين من جميع معاني الإنسانية، معتقدين أن الدين يرتكز على العبادات الشعائرية فقط، دون مراعاة لجانب المعاملات والأخلاق.
فقد نجد الكثير من الناس في أوائل صفوف المصلين محافظين على الصلاة في أوقاتها، يصومون النهار ويقومون الليل، بالمقابل معاملتهم للآخرين تتنافى مع شعائر الدين وأدنى مقومات الأخلاق من كذب ونميمة وغيبة وخيانة وأكل حقوق الآخرين وغيرها الكثير من الصفات السيئة، كالازدراء على العباد، والتكبر عليهم، ومراقبتهم والتجسس عليهم والظلم، فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
حسن معاملة الآخرين هو من أهم القيم التي يجب أن يتحلى بها الجميع، فالإسلام يدعونا الى اللين واللطف في التعامل مع الآخرين كذلك التسامح والتعاون، والصدق والإخلاص وغيرها الكثير من الصفات الحسنه التي يجب أن نغرسها في مجتمعنا وبين كافة أفراده.
ما أجمل أن يكون تعامل الإنسان بأخلاقه الرفيعة ومعاملته الحسنة ولسانه العفّ وأمانته وطيبته وتواضعه وصدقه مع الناس فكسب قلوب الآخرين لا يكون بكثرة الركعات والنوافل وإنما بحسن المعاملة والبعد عن الصفات السيئة، فالإيمان الحقيقي يتجسد في حسن الصفات والأخلاق.
أخيرا "لا تحدثني كثيرا عن الدين ولكن دعني أرى الدين في سلوكك وأخلاقك". فالدين الحقيقي منظومة متكاملة تربط بين الايمان بالله تعالى وأداء الشعائر الدينة بصورة صحيحة وبين الأخلاق الحسنه والتعامل الطيب مع الآخرين.